أعلن الديوان الملكي المغربي أن الملك محمد السادس، بصفته رئيس المجلس العلمي الأعلى، أصدر توجيهاته لدراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات هيئة مراجعة مدونة الأسرة.
وأضاف الديوان الملكي في بلاغ صدر اليوم الجمعة أن هذه التوجيهات تأتي استناداً إلى مبادئ وأحكام الإسلام، ومقاصده السمحة، بهدف رفع فتوى بشأنها إلى الملك.
وأوضح الديوان الملكي في بيانه أن “الإحالة إلى المجلس العلمي الأعلى تأتي بعد انتهاء الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة من مهماتها ضمن المهلة المحددة، ورفعها مقترحات إلى العاهل المغربي بشأن بعض البنود التي تتعلق بنصوص دينية”.
وأشار البيان إلى أن المادة 41 من الدستور تمنح المجلس العلمي الأعلى الصلاحية الوحيدة لإصدار فتاوى تُعتمد رسمياً.
ودعا العاهل المغربي المجلس العلمي الأعلى إلى استحضار مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، التي تدعو إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح والبنّاء، وتطبيق معيار عدم السماح بتحليل الحرام أو تحريم الحلال.
جاء ذلك بعد نحو ثلاثة أشهر من تسليم الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، والتي تضم ممثلين عن وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مقترحاتها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش الذي رفعها بدوره إلى الملك.
وخلال الأشهر الماضية، تصاعدت الخلافات بين الإسلاميين والعلمانيين (الحداثيين) حول قضايا مثيرة للجدل مثل الإرث وزواج القاصرات وتعدد الزوجات والحضانة والإجهاض.
في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة في 26 سبتمبر/أيلول 2023، حدد الملك محمد السادس حدود مراجعة مدونة الأسرة، مشيراً إلى أن المراجعة “يجب أن تقتصر على إصلاح الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي على مدى عشرين سنة، وتعديل مواد لا تواكب تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية”.
وشدد الملك على أن “الاجتهاد البنّاء هو سبيل تحقيق الملاءمة بين المرجعية الإسلامية والمستجدات الحقوقية العالمية”، مؤكداً أن المبادئ الأساسية تظل بدون تغيير، وتشمل العدل والمساواة والتضامن والانسجام المستمدة من الإسلام الحنيف، والقيم الكونية المنبثقة من الاتفاقات الدولية التي صادق عليها المغرب.
في عام 2004، شكلت مدونة الأسرة حدثاً بارزاً كاستجابة للرغبة في تحديث المجتمع والنهوض بأوضاع الأسرة وتحقيق توازنها، وحماية حقوق المرأة والطفل، وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإعادة الاعتبار لمؤسسة الزواج ومسؤولية الطرفين فيها، ومع ذلك، ترى الحركة النسائية والحقوقية في المغرب أن مراجعتها أصبحت ضرورة حتمية اليوم.
في خضم هذه النقاشات، حددت الجمعيات النسائية والحقوقية تعديلات في مواضيع عدة، بما في ذلك الميراث والوصية، والكد والسعاية، وميراث الأجانب، وزواج القاصرات، وزواج المغربيات المسلمات بغير المسلمين، وحضانة الأطفال بعد الطلاق، وحق الزيارة، والتعويض عن المسكن، والنيابة الشرعية، والطلاق للضرر، وفترة ما قبل الطلاق، والنسب، والنفقة، والمتعة.