أصدر الوزير الأول، المختار ولد اجاي، تعميمًا رسميًا موجّهًا إلى الوزراء والمندوبين المعنيين بحقوق الإنسان والتضامن والعمل الإنساني، يحثّهم فيه على تفعيل آلية إدراج المتعاملين المدنيين المخالفين في الصفقات العمومية ضمن ما يُعرف بـ”اللائحة السوداء”، عند ثبوت ارتكابهم خروقات جسيمة أو أفعال تتنافى مع قواعد النزاهة.
ويحمل التعميم طابعًا استعجاليًا، مستندًا إلى المادة 13 من القانون رقم 024-2021، التي تخوّل لسلطة تنظيم الصفقات العمومية اتخاذ قرار إدراج الأشخاص المعنويين أو الطبيعيين في اللائحة السوداء، بناءً على حكم قضائي أو قرار من اللجنة التأديبية المختصة، متى ثبت ضلوعهم في ممارسات تضرّ بشفافية الصفقات.
كما أشار التعميم إلى المرسوم التنفيذي رقم 085-2022، الذي يمنح اللجنة الفنية صلاحية تحديد طبيعة المخالفات الجسيمة التي تستوجب هذا الإجراء، ويوسّع صلاحية اللجنة التأديبية لتقديم رأي استشاري في تقييم مدى الخطورة. ويُتيح النص كذلك إدراج المخالفين قبل صدور أحكام قضائية، إذا توفرت مؤشرات قوية، في إطار حماية المال العام.
وأكد ولد اجاي على ضرورة التزام جميع القطاعات والمؤسسات العمومية بإبلاغ سلطة تنظيم الصفقات فورًا بأي مخالفات تستدعي إدراج مرتكبيها ضمن القائمة، مع نشر أسمائهم على البوابة الوطنية للصفقات العمومية، ومنع أي تعاقد معهم لاحقًا.
وشدد الوزير الأول على أن بعض المتعاملين يستغلون الثغرات للعودة إلى المنافسة رغم سوابقهم، مؤكدًا أن حماية المشاريع العمومية وجودتها تتطلب الحزم وتطبيق النصوص بصرامة. كما دعا إلى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة، محذرًا من أن أي تأخير أو تساهل سيكون محل مساءلة.
وفيما يلي نص التعميم الصادر عن الوزير الأول:
تعميم موجه إلى:
• جميع الوزراء والوزراء المنتدبين؛
• المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر”؛
• المفوضة المكلفة بالأمن الغذائي؛
• المفوض المكلف بحقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني.
الموضوع: تفعيل وتحديث اللائحة السوداء للمتعاقدين المدنيين بارتكاب خروقات جسيمة أو سلوك يتعارض مع مبادئ المصلحة العمومية.
تسمح مدونة الصفقات العمومية بإمكانية إدراج الفاعلين أو الأشخاص الاعتباريين أو الطبيعيين الذين قاموا بسلوك يتعارض مع مبادئ المصلحة العمومية في اللائحة السوداء. يتم نشرها من طرف سلطة تنظيم الصفقات العمومية، وتعد مرجعًا ملزمًا لكافة السلطات المتعاقدة، ويؤدي إلى الاستبعاد من المشاركة في الصفقات العمومية لمدة تحددها اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية.
حيث تنص المادة 11 من المرسوم رقم 2021-024 الصادر بتاريخ 29 ديسمبر 2021، المعدل لمدونة الصفقات العمومية على تكليف سلطة تنظيم الصفقات العمومية بالحكم على المتعهدين المخالفين بقواعد الاستبعاد المؤقت أو النهائي، كما تنص المادة 25 من نفس المدونة على إدراج كل فاعل اقتصادي أو شخص اعتباري أو طبيعي تم إثبات تورطه بصفة عمومية في ارتكاب مخالفات على لائحة الاستبعاد، أو إذا صدر بحقه حكم نهائي يقضي بالاستبعاد من الترشح لإبرام الصفقات، أو من خضع لعقوبات في مخالفة جنائية أو جنحية أو مهنية بقرار اجتماعي، أو من قبل اللجنة الوطنية لرقابة الصفقات العمومية.
وعلاوة على ذلك تنص المادة 28 من المرسوم رقم 2022-085 المتعلق بتنظيم سير عمل سلطة تنظيم الصفقات العمومية، على اللجنة التأديبية أن تضع نظام متابعة وتبليغ مناسب للمتعاقدين المدنيين بارتكاب خروقات متعلقة بتنفيذ الصفقات. يصدر رئيس اللجنة التأديبية قرارات إدراج المتعاقدين ضمن اللائحة السوداء طبقا للإجراءات والشروط وقواعد الملاحظة وسرية مدة العقوبة. ويجب تسجيل التبريرات فور الوصول بها إلى المقرر قبل تنفيذ قرار الإدراج، ويتم ذلك مع مسؤولية طرف المحظر بشأن إدماجها على اللائحة وقواعد العقوبة أو تقديم طعن “مبّرر”.
من ناحية أخرى تنص المادة 132 من المرسوم رقم 2022-085 لتنظيم تنفيذ مدونة الصفقات العمومية على أن “كل سلطة متعاقدة مطالبة بإرسال ملف تنفيذ الصفقات العمومية حال تعرف على انتهاكات جسيمة ارتكبها فاعلون أو أصحاب متعهدات، يمكن أن تبرر مباشرة إدراجهم في إجراء الاستبعاد المؤقت أو النهائي من الصفقات العمومية، وتقوم سلطة تنظيم الصفقات العمومية بالتحقيق باستمرار بتحديث لائحة الفاعلين المستبعدين وتنسق مع البوابة الوطنية للصفقات العمومية وتبلغ إلى جميع المصالح المكلفة بإبرام الصفقات في كل قطاع.”
وعلى الرغم من وجود وسيلة قانونية مناسبة، ورغم القوانين المتاحة، لا نلاحظ حتى الآن تفعيل اللائحة السوداء لدى السلطات المتعاقدة، وهو ما يضعف الحصيلة على المدى في خرق أو تنفيذ الصفقات العمومية، بل يتقصى إلى انعكاسات سلبية على جودة إنجاز المشاريع العمومية والبرامج. هذا الوضع يتطلب أحكام أو آليات تنظيمية ذات فعالية أقوى لردع الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة لتحسين آليات التنفيذ.
وفي هذا الإطار، أرجو منكم توجيه التعليمات اللازمة إلى جميع السلطات المتعاقدة التابعة لكم (إدارات، شركات، مؤسسات، ووكالات، ومكاتب…) بضرورة إحالة كل مخالفة بحد ذاتها أثناء إجراءات إبرام أو تنفيذ الصفقات العمومية إلى سلطة تنظيم الصفقات العمومية.
نظرًا للأهمية البالغة التي يكتسيها تطبيق هذا التعميم بدقة وسرعة وتنفيذ توصيته بشكل صارم، أرجو موفقي بالإجراءات التي تنوون اتخاذها في هذا الصدد لضمان التنفيذ الأمثل.
المختار ولد اجاي