جددت النيابة العامة، اليوم الاثنين، طلباتها أمام الغرفة الجزائية الجنائية في محكمة الاستئناف بنواكشوط، مطالبة بالحكم على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بالسجن 20 سنة، وعلى الوزيرين الأولين السابقين والوزراء المشمولين في الملف بالسجن 10 سنوات.
وطالبت النيابة أحكاما بالسجن 5 سنوات بحق بقية المتهمين، الذين تشملهم القضية، من مسؤولين سابقين ورجال أعمال وشخصيات مقربة من الرئيس السابق.
كما دعت النيابة العامة المحكمة إلى حلّ جمعية “الرحمة” الخيرية، التي أنشأها نجل الرئيس السابق الراحل أحمد ولد عبد العزيز، ومصادرة أموالها، معتبرة أنها كانت جزءًا من شبكات الفساد التي شملها التحقيق.
تفاصيل المحاكمة واستنطاق المتهمين
بدأت محكمة الاستئناف في نواكشوط استنطاق المتهمين منذ 13 نوفمبر الماضي، واستغرقت العملية عدة أشهر تخللتها فترات تعليق، أبرزها كان بسبب طعن أمام المجلس الدستوري في بعض مواد قانون مكافحة الفساد، وكذلك تعليق آخر بسبب الحالة الصحية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي خضع للعلاج خلال فترة المحاكمة.
وتتطابق طلبات النيابة العامة الحالية مع تلك التي قدمتها سابقًا أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد، والتي أصدرت أحكامها في 4 ديسمبر 2023، حيث حكمت ابتدائيًا على ولد عبد العزيز بالسجن 5 سنوات بعد إدانته بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع، كما ألزمت المحكمة بمصادرة الأموال التي حصل عليها من الجرائم المدانة بها، مع فرض تعويض للخزينة العامة قدره 500 مليون أوقية قديمة، بالإضافة إلى حرمانه من الحقوق المدنية.
أحكام المحكمة في المرحلة الابتدائية
إلى جانب الحكم على ولد عبد العزيز، أصدرت المحكمة المختصة في جرائم الفساد عدة أحكام بحق شخصيات بارزة، تضمنت:
• محمد سالم ولد إبراهيم فال، المدير الأسبق للشركة الموريتانية للكهرباء “صوملك”، الذي أدين بالإثراء غير المشروع، مع مصادرة أمواله وحرمانه من الحقوق المدنية.
• محمد ولد الداف، رئيس منطقة نواذيبو الحرة السابق، الذي أدين بتهمة استغلال النفوذ، وحُكم عليه بالسجن سنتين وستة أشهر، منها 6 أشهر نافذة، مع مصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
• محمد ولد امصبوع، صهر الرئيس السابق ورجل أعمال، الذي أدين بالإثراء غير المشروع، وحُكم عليه بمصادرة أمواله وحرمانه من الحقوق المدنية.
• محمد الأمين ولد بوبات، رجل أعمال، أدين بتهمة إخفاء عائدات جرمية، وحكم عليه بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ، مع مصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
• يعقوب ولد العتيق، مقاول، أدين بتهمة إخفاء عائدات جرمية، وحكم عليه بالسجن سنتين، منها 6 أشهر نافذة، مع مصادرة الأموال المتحصل عليها من الجريمة.
وفي المقابل، قررت المحكمة إبطال الإجراءات المتخذة بحق هيئة الرحمة الخيرية، التي كان يترأسها الراحل أحمد ولد عبد العزيز، نجل الرئيس السابق.
تبرئة بعض المسؤولين السابقين
في المرحلة الابتدائية، برأت المحكمة المختصة في جرائم الفساد خمسة متهمين، من بينهم مسؤولون بارزون، وهم:
• يحيى ولد حدمين، الوزير الأول الأسبق.
• محمد سالم ولد البشير، الوزير الأول الأسبق.
• محمد عبد الله ولد أدواعه، وزير النفط والطاقة والمعادن ومدير شركة “سنيم” الأسبق.
• الطالب ولد عبدي فال، وزير النفط والطاقة والمعادن ومدير “سنيم” الأسبق.
• محمد الأمين ولد ألوكاي، العدل المنفذ.
مسار القضية وتداعياتها
تعد هذه القضية من أبرز ملفات الفساد التي عرفتها موريتانيا، حيث بدأت التحقيقات فيها منذ 2021 بعد انتهاء فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وقد أثارت القضية جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والقضائية، خاصة أن الرئيس السابق نفى جميع التهم الموجهة إليه، معتبرًا أن المحاكمة ذات طابع سياسي تستهدف تصفية حسابات معه.
ومع بدء مرحلة الاستئناف، يتوقع أن تشهد القضية مزيدًا من التطورات، خاصة في ظل تمسك النيابة العامة بعقوبات أشد من الأحكام الصادرة ابتدائيًا، ما يشير إلى استمرار الجدل القانوني والقضائي حول الملف.