نواكشوط – المصدر نيوز
في واحدة من أوسع العمليات الأمنية خلال السنوات الأخيرة، فككت السلطات الموريتانية شبكة واسعة لترويج الحبوب المهلوسة، في تطور أمني خطير تزامن مع مؤشرات أولية – وفق النيابة العامة – عن احتمال ضلوع هذه الشبكة في أنشطة متعلقة ببيع السلاح غير المرخص.
هذا التداخل بين تجارة الحبوب المخدرة وتهريب السلاح يعيد تشكيل طبيعة التهديدات الأمنية والاجتماعية في البلاد، ويطرح أسئلة جوهرية حول أبعاد الجريمة المنظمة في موريتانيا ومحيطها الإقليمي.
تفاصيل العملية: تنظيم محكم ومخازن متعددة
نفذ الدرك الموريتاني، قبل أيام، عملية نوعية أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من الحبوب المهلوسة والأدوية غير المرخصة، موزعة بين مخازن في نواكشوط وشاحنة كانت متجهة شمالًا نحو مدينة الزويرات.
بلغ عدد الموقوفين حتى الآن 25 شخصًا، بعضهم من أصحاب المخازن والتجار والموزعين، فيما تتواصل التحقيقات لكشف مزيد من المتورطين.
أساليب التمويه المستخدمة، وتوزيع المخازن في مناطق مكتظة، تشير إلى شبكة محترفة ذات تخطيط لوجستي دقيق.
مؤشرات عن ارتباط بالسلاح
في بيانها، لمحت النيابة العامة إلى “احتمال وجود صلة بين بعض عناصر الشبكة وبين تجارة السلاح غير المرخص”، وهو ما يمثل تصعيدًا خطيرًا، يُخرج الملف من دائرة الجريمة الصحية إلى تهديد أمني واسع النطاق.
إن صحّت هذه المؤشرات، فنحن أمام نموذج متكامل للجريمة المنظمة، تشبه في بنيتها ما تم رصده في دول الساحل، حيث تشكل المخدرات والسلاح مصدرًا مشتركًا لتمويل جماعات عنف مسلح أو شبكات تهريب دولية.
تأثيرات اجتماعية مدمرة
لا يقف الخطر عند البُعد الأمني؛ فانتشار الحبوب المهلوسة يؤدي إلى تدهور في الصحة النفسية، وانهيار الروابط الاجتماعية، وارتفاع الجرائم الصغيرة، خاصة في أوساط الشباب والطلاب.
وقد بدأت منظمات مجتمع مدني موريتانية بالفعل إطلاق حملات للتوعية بخطر هذه المواد، مطالبة الدولة بتبني خطة وطنية شاملة لمكافحة الإدمان والترويج.
هل تواجه موريتانيا نقطة تحول أمنية؟
وجود مؤشرات على ارتباط المخدرات بالسلاح في السوق السوداء الموريتانية، يعكس تحديًا أمنيًا غير مسبوق.
فالحدود الطويلة، وضعف المراقبة التقنية، ووجود حواضن مجتمعية هشة، كلها عوامل تجعل البلاد عرضة لنمو شبكات عابرة للحدود.
يتطلب الأمر اليوم مراجعة حقيقية للبنية القانونية والأمنية، وتعزيز التعاون الإقليمي مع دول الجوار، وتوسيع قدرة القضاء على التعامل مع جرائم معقدة من هذا النوع.
المواجهة لإغلاق نافذة الخطر
لا شك أن تفكيك هذه الشبكة يمثل نجاحًا أمنيًا بارزًا، لكنه في الوقت ذاته يكشف مدى عمق التهديد، فموريتانيا اليوم تقف أمام مفترق طرق: إما تعزيز أجهزة الرقابة والردع، أو المخاطرة بتوسع ظواهر تهدد أمنها واستقرارها من الداخل.
إنها لحظة فارقة، تتطلب الحسم، قبل أن تُفتح أبواب يصعب إغلاقها.
إعداد: المصدر نيوز
قسم التحليل والتحقيقات