تحتضن مدينة ولاته؛ أقصى شرقي موريتانيا، النسخة الثانية عشرة لمهرجان مدائن التراث؛ مستقبلة مئات الزوار بحمرتها الداكنة ونقشها النادر؛ و بإرث تاريخي يمتد لأكثر من 13 قرنا من الزمن.

المدينة المعلقة على مرتفعات الحوض، تختزن مزيجا من الثقافات شكلت هويتها عبر مئات السنين؛ فمن «بيرو» في عهدها الغاني إلى العهد التكروري «إيلاوتن» حتى تبلورت المنظومة «الشنقيطية» وانتشرت الثقافة العربية ودعيت من حينها ب«ولاته».. هنا كانت جسرا بين ثقافات متباينة وعصور مختلفة.

تقول بعض الروايات التاريخية إن القائد الإسلامي عقبة بن نافع مر من ولاته في إحدى فتوحاته، وأنه هو من شيد مسجدها العتيق، لكن العمارة الإسلامية كانت بعد ذلك بفترة لاحقة.

توجد في المدينة مكتبات عريقة تحتوي على آلاف المخطوطات النادرة، تعود مليكتها إلى عائلات وأشخاص؛ هذه المخطوطات تلف الكثير منها بسبب قسوة المناخ والبيئة الصحراوية، وبقي بعضها صامدا رغم عاديات الزمن.

تصنف المدينة من طرف اليونسكو ضمن قائمة التراث الإنساني، وتعمل جاهدة على حفظ ما تبقى منها رغم الهجرات الكبيرة التي شهدتها المدينة في فترات مختلفة.

المهرجان

المدينة بحمرتها وزخرفتها الجامعة بين العمق الإفريقي والطراز الأندلسي، وبصفتها إحدى أهم بوابات موريتانيا نحو الصحراء الكبرى؛ بدت مبتهجة بضيوفها باحتفاء تعلوه هيبة ووقار لا يزهدها في الوافدين ولا ينسيها مرارة الهجر والإهمال.

مئات السيارات تجوب شوارع المدينة؛ وأقدام السياسيين والتجار وعشرات آخرون من صحافة وكتاب وشعراء وفنانين، تزدحم في الأزقة العتيقة، محدثين جلبة في أمكنة لم تألف ضجيجا كهذا.

ليس غريبا على ولاته الاحتفاء  بالوافدين، حيث كانت محطة مرغوبة في طريق القوافل نحو ذهب السودان، وخازنة العلوم والمعارف منذ مئات السنين.

على مدى أربعة أيام ستكون ولاته محط أنظار الموريتانيين؛ فهي تحتضن أهم مهرجان ثقافي في البلاد لثالث مرة منذ إنشاء المهرجان.

كانت الفكرة التي تقف خلف المهرجان هي الاهتمام بالمدن التاريخية، وكسر حالة النسيان التي تعيشها منذ زمن، ولكن الآراء متضاربة حول النتائج التي تحققت بعد عشر سنوات من تنقل المهرجان بين مدائن التراث.

المؤكد أن حالة من الانتعاش التجاري والاقتصادي واضحة في شوارع «ولاته»، فسكان المدينة لا يخفون ارتياحهم لحدث انتظروه طيلة السنوات الأخيرة، ولكنهم يتوجسون خيفة من حالة النسيان التي ستعود إليها مدينتهم بعد اختتام المهرجان .

تنمية 

خلال النسخ الثلاث الأخيرة أعلنت الحكومة أنها تركز على المجال التنموي لهذه المدن التي تواجه قسوة المناخ والتصحر وهجرات السكان، لتشجيعهم على البقاء في مدن مصنفة ضمن التراث الإنساني العالمي.

وفي نسخة ولاته هذه السنة صدقت الحكومة، على مشروع مرسوم يقضي بالمصادقة على مخطط تقطيع توسعة مدينة ولاته بولاية الحوض الشرقي.

 المخطط يأخذ في الحسبان المقاييس الضرورية لخلق إطار حياة ملائم يضمن الأمن والسكينة للمواطنين، ويغطي مساحة إجمالية تقدر ب 85 هكتارا.

وخصصت من هذه المساحة للسكن 37 هكتارا، و826 قطعة أرضية بمساحة 400م2 في منطقة التوسعة، ومساحة تقدر بـ16 هكتارا، لتجهيزات عمومية، ومباني إدارية، في حين خصصت مساحة 32 هكتارا لشبكة طرقية.

ومن المرتقب أن يطلق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عدة مشاريع تنموية كانت قد صدقت الحكومة سابقا على تشييدها لتنمية المدينة بمناسبة المهرجان.

اترك تعليقاً

Exit mobile version