نشرت المحكمة الجنائية الدولية أمس، مذكرة اعتقال بحق إياد أغ غالي، زعيم تنظيم نصرة الاسلام والمسلمين في مالي، الفرع الافريقي لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل وغرب افريقيا.
وقالت المحكمة إن غالي المعروف أيضاً باسم أبو الفضل، مطلوب بسبب ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ارتكبت في مدينتي جلهوك وتمبكتو شمال مالي، في عامي 2012 و2013، حيث تم العثور على ما لا يقل عن 40 جنديا مقتولين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
وصدرت مذكرة الاعتقال بحقه في 2017 لكنها ظلت طي الكتمان قبل الإعلان عنها أمس.
واعتبرت الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، أن غالي الملقب بثعلب الساحل الإفريقي المالي، والذى يواصل اختفاءه عن الأنظار بشكل تام، هو أخطر رؤوس تنظيم القاعدة بالمنطقة التي تشهد تناميا لنفوذ الجماعات الجهادية.
ويلاحق أمير جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أيضا في قضايا اختطاف العشرات من الرعايا الغربيين، الذين أطلق سراحهم مقابل فدية تصل الى مبالغ مالية ضخمة، وهي تهمة جعلت منه واحدا من أخطر الملاحقين دوليا عبر العالم.
واعتبر النائب العام للمحكمة الدولية غالي “قائدا بلا منازع” “ويمتلك “نفوذا كبيرا في المنطقة”، وهو ملاحق بتهم “التعذيب والاضطهاد على أسس جنسية أو دينية والاحتجاز غير القانوني والاغتصاب والعنف الجنسي والأفعال اللا إنسانية والهجوم على المباني الدينية”.
وفي قضايا سابقة نظرتها المحكمة لأعضاء آخرين في الجماعة، قال ممثلو الادعاء إن مسلحي الجماعة اغتصبوا نساء في مدينة تمبكتو.
وأضافوا “استخدم المقاتلون المرتبطون بتنظيم «القاعدة» الفؤوس والمجارف والمطارق لتحطيم المقابر والأضرحة التي يرجع تاريخها إلى قرون مضت في تمبكتو”.
وانخرط إياد غالى، فى التنظيمات المسلحة، بعد إزاحته من السلك الدبلوماسي، وقاتل في السنين الأولى لمساره المسلح في الفيلق الإسلامي الذي أنشأه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي (وهو عبارة عن قوات شبه عسكرية تضم جميع العرب برعاية ليبيا وتشكل الفيلق عام 1972 وكان جزءا من حلم القذافي بإنشاء دولة الساحل الإسلامية الكبرى).
وكان غالي وراء عدة عمليات مسلحة ضد الحكومة المالية، إذ خاض تمردا مسلحا ضد الدولة مطلع تسعينات القرن الماضي، حين كان يقود جماعة مسلحة متمردة ذات توجه علماني، تطالب باستقلال إقليم أزواد عن السلطة المركزية في باماكو، كما شارك في التمرد الذى يخوضه الطوارق.
وأسس في عام 2011 حركة أنصار الدين التي تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، بجانب مطالب محلية تتعلق بحرية وحقوق سكان أزواد، وكانت غالبيتها من الطوارق إلا أن التوجه الإسلامي جلب لها أنصارا من مختلف المكونات العرقية في المنطقة ومن دول الجوار.
ودخلت الحركة في تنسيق مباشر مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وشنت سلسلة هجمات على معسكرات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمم المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت في عام 2013 حركة أنصارالدين على قائمة المنظمات الإرهابية، وحظرت على المواطنين الأميركيين الاتصال بها بأي صورة، كما صنفت في فبراير 2013 زعيم الجماعة إياد آغ غالي زعيما إرهابيا.
وأسس في عام 2017 جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي أصبحت في وقت وجيز من أعتى الجماعات المسلحة في الساحل.
ورغم تعرضه في السنوات السبع الأخيرة لعدد من محاولات الاغتيال واستهدافه من القوات الفرنسية، التي كانت تقود الحرب على التنظيم حينها، نجح غالي في البقاء تحت الأرض، وسط تقارير غير رسمية تحدث بعضها عن وفاته، وذهبت أخرى الى القول انه كان يتلقى العلاج في أحد المستشفيات الجزائرية.
وكان آخر ظهور له أواخر شهر ديسمبر من السنة الماضية في تسجيل نادر مدته نحو 22 دقيقة نشرته مؤسسة ‘الزلاقة’ الذراع الإعلامية للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، معلنا فيه الحرب على روسيا بصفتها اللاعب الدولي الجديد في منطقة الساحل الأفريقي بعد أن انسحبت فرنسا.
ووصف غالي روسيا وفاغنر والأنظمة العسكرية بـ”الحلفاء الكفار الجدد” داعيا إلى التعبئة في عموم المنطقة.
واتهم حينها الجيش في مالي وبوركينا فاسو والجنرال أسيمي غويتا والنقيب إبراهيم تراوري بأنهم وراء تسهيل سلب أموال الشعبين المالي والبوركيني وحرق أسواقهم، مؤكدا أن مجموعة فاغنر لا تتورع عن السرقة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
وأكد إياد أن “الحاجة قائمة إلى حكم تقوده الشريعة الإسلامية لا يمكن المساس به”، والهدف من قتاله أبعد من توظيفه نظام اللامركزية في هذا البلد أو مساواة سكان الشمال بالجنوب في الحقوق والحريات.